صرخة من المنفى







انظروا إحدى خطاياكُم هناكْ

تنطقُ بنبضِ الحياةِ السريعةِ

وكأنَ شيئاً منكمُ

لم يكنْ

انظروا جذعَ النخلةِ البعيدةِ

مِن دونِ مريمَ

كيف يبدو بسيطاً

وكأنَ روحَ الربِّ هناكَ لم تكنْ

انظروا حائطَ مدينتنا

يبدو حزيناً .. يبكي

ويبكى عليهِ

وكأنَ مخلصَ الزمانِ

لم يأتِ .. ولم يكنْ

انظروا كُلَ شيءٍ فينا ومنا

وانظروا الخيمةَ تمزقت

لا مِن ظلمِ الزمانِ

بل مِن غَدركم لها

تنسُونها

وكأنَ عروبتكُم لم تكُ شيئاً ..

ولن تكنْ


فلن أهدأ ولن أكُنْ

لن أخونَ قلمي مِن أجلكم

لن أخونَ وطني في مدحِكُم

وليكنْ حقي هوَ ذاكَ

مِن قبلكم ومِن بعدكم

ولادةَ لُغتي مِن الأرضِ

مُسترسلاً

بنباتِها وعبيرها

ماضِيها ومُضنيها

بحاضرِها

وما سيكونُ مِن بُكارةِ الوردِ

مُشتعلاً

في أسمى أغانيها


فليكن مِن حقي

غصنَ زيتونٍ .. سلاحاً

لا يحملُ إلى السلامِ أبدا

أن يكونَ مِن الأرضِ

قنبلةً .. تنفجرُ بقلبِ محتلِ

إن كانَ لهُ قلبٌ مِن قبلي

ومِن بَعدي

إنْ كانَ لهُ حقٌ في منفايَ

وفي أرضي

ولا لن أموتَ لهُ كما يريدُ مِن التعبِ

لن أموتَ هنا مِن الخجلِ

مِن الذلِ من العارِ

مِن عصفِ الذاكرةِ

مِن تبدلِ أطواري

لا لن أبقى هُنا طويلاً

بعيداً عنكِ يا أمي


فأنا الغريبُ بغُربتي يا أمي

غريبٌ أنا قد كنتُ

يومَ ولدتُ .. ويومَ أموتُ

ويومَ لن أبعثَ حيا
في المنفى لا الهواءُ هواؤكَ
يا ولدي

لا الأرضُ تنطقُ باسمكَ يا ولدي

لا ماضٍ لكَ هنا ..

لا المستقبلُ يراكَ غداً ..

يا حلماً لغدي


بل هو الحقُ بقولكَ يا ولدي

أن تُنجبَ مِنها نبياً

قبيلةً .. سنبلةً وسؤدُدةً

أن تنجبَ أحدَ عشرَ كوكباً

بلا شمسِ ولا قمرِ

بلا حزنٍ ولا ألمِ

بلا شؤمٍ ولا قدرِ

بلا صوتٍ مِن الصخبِ

بلا شيءٍ وبلا مِني

كما يولدُ الشيءُ مِن اللاشيءِ

مِن العدمِ ..
أن تكونَ فيها ومنها ثائراً إلى الأزلِ
كما يولدُ الشيءُ في اللاشيءِ

مِن العدمِ ..
أنْ تخلقَ ثورةً بها وطريقاً إلى الوطنِ
فتكونُ أنتَ أنتَ وطناً لا أنا
يا وطني.