رسائل العهد القديم





للوحدةِ إيجابياتٌ عدةٌ أهمُها
انعدامُ ذلكَ الشعور بهذا الاختلافِ الكبيرِ
بينَ الحياةِ والموتْ، وتبقى هذه الاختلافاتُ متجسدةً
في التسميةِ لكلٍ منهُما فقط،
فالموتُ ليسَ هو إلا انعدامُ الروحِ مِنْ الجسدْ،
وإنما أيضاً هو الوحشةُ بحدِ ذاتها
لأنها ستكونُ في مخيلتي أعظمَ مِنْ الموتْ،
لأنَ هذا الأخيرُ حتماً سيكونُ بقضاءٍ مِنْ الله أو مِنْ الطبيعةِ
على حدٍ سواء مهما اختلفت فكرةُ الدينِ لديك،
أما تلكَ الوحشةُ المتجسدةُ في الوحدةِ
ستكونُ خطيئتكَ وفجيعتكَ أنتَ بالمقامِ الأول،
لأنكَ لو قمتَ باختيارِ ذلكَ النصِ المفقود
الذي يفصلُ بينَ الحياةِ والموت في حياتكَ بالشكلِ الصحيح
لما كنتَ في ما أنتَ عليه الآنَ
أو بما ستكونُ عليه فيما بعدُ مِنْ الغربةِ والانقضاضِ على الذاتْ
بوحشية الاغترابْ.



لا شيءَ يتكررُ في هذهِ الحياة مرتين
حتى خيباتنا لا تتكرر لأنها مِنْ المُحتم
أنْ تكونَ موجعةً وداميةً
للقلبِ أكثرَ مما مضى، ومِنْ الطبيعي أنْ نعودَ بها
وبعدها لنمارسَ أشكالاً عديدةً للفناءِ مع الطبيعة
كي تخذلنا هذهِ الأخيرةُ مرةً أخرى
بإحدى نتاجاتها الفكرية مع الله
وستكونُ حتماً كالتي لم نعرفها مِنْ قبلُ أيضاً.



أنتِ أملُ الله على الأرض
فلأجلكِ شككتُ للحظةٍ
بأنَ العذراءَ باقيةٌ فيكِ
يا ولاءً لكلِ العهود
فيكِ باقيةٌ لم تمُت
ولأجلِ تلكَ الألحان
التي تعزفُها تغاريدُ صوتكِ العذب
المتراميةِ في أنحاءِ الكون
أعشقُ بفضلها الموسيقى التي تخاطبُ الروح
أعشقُ صوتَ أذانٍ
متناغماً وأجراسَ الكنائس
ترنيمةٌ في ذاكَ المعبدِ لأجلكِ أعشقُها
وأعشقُ عينيكِ
في إطلالةٍ على جميعِ بحورِ الشعرِ
وفناجين القهوةِ
التي أحتسيها صباحاً مع النوارس.


 

إنَ الدمَ الذي يسري في عُروقي 
يوحدُ باسمكِ آنِسَتي 
أيُمكنُ هذا حقاً أنكِ ملكتي 
وجدانَ عقلي .. برزخَ روحي 
أبديةَ كلماتي وأشعاري 
سيدَتي 
أنتِ الآنَ مُتربعةٌ على عرشِ قلبي 
فَكوني سرمديةً في حكمكِ كفراعنةِ مصرَ القديمة 
وخلدي ذكراكِ على جدرانه .



أشعرُ بعبقِ السرمديةِ
كلما أستنشقُ أحرفَ اسمكِ حبيبتي
مساؤكِ لحنُ طفلةٍ صغيرةٍ
تدوي فرحاً بقدومِ العيد
مساؤكِ مساء ليلٍ طيبِ النسيمِ
يهزُ عبقَ الذكرياتِ
المترعةِ بجهدِ القلبِ
التي ترصدُ في خلجاتها
أثرَ البجحِ لجدرانها .



في جوارِ القلبِ 
ليسَ هناكَ سواكِ 
والكلام الذي لا يسعفهُ فمٌ 
لتنضُم الذكرى 
لحناً في سماءِ السمفونية 
ولتنسطُ لي نيرانُ أنينِ القلبِ 
في رموزٍ لا انكشافَ فيها 
ربما حدثَ هذا كلهُ 
من بعضِ سحرٍ لامستهُ 
في عينيكِ مَليكتي .



مازالت الأيامُ تقصدُ أفواهي 
لتقولَ قصائداً 
يقصرُ عن قولها كلُ قائلٍ في الهوى 
تتزينُ أحلامي بمعطفٍ جديدٍ 
لتغدوَ في استقبالِ مَنْ انتظرتهُ منذُ دهرٍ 
تكتسي نفسَ الرداءِ 
وتهجسُ حولَ نارِ المدفأةِ 
لتقولَ الكلمات التي عجزَ عَن ترتيلها 
أقراني مِن الغرامِ وعذالي.



أشعرُ باختناقٍ حاذقٍ
يصيبُ جميعَ أنحاءِ القصيدةِ السُفلى '
والجسدْ ,,
فهل لي بدنانِ الخمر دونَ العشقِ مِنْ مددْ ..
ضاعَ العددُ مِنْ بعدكِ فضاعَ العددْ
صبأتُ على نفسي شركاً بلا عقلٍ ولا سندْ
أسلبُ الروحَ مِنْ روحي مِنْ يومِ الأحدْ
وحيداً هناكَ بلا أحدْ ,,
بلا حرفٍ يُجلي ألمَ القصيدةِ
لا لا أحدَ يسكنُ الجسدْ
ضاعَ العددُ مِنْ بعدكِ فضاعَ العددْ.




لا وطنَ لي في المماتِ سوى الكلماتْ
لا أملَ في العرشِ المعهودِ مِنْ الحياةِ سوى المعجزاتْ
لا معجزاتْ ‘ لا أملَ لنا في الحياةِ ولا في المماتْ
فكنهرينِ نحنُ .. نَبعا معاً مِن الفتاتْ
أيُ فتاتٍ فتاتُ الذكرياتِ مِن الأمنياتْ /
كنهرينِ نحنُ يقتربانْ ولكنْ أبداً لا يلتقيانْ ,,
لكنْ أسفاً لا يلتقيانْ ..
فلا أنا بدجلةَ يا نديمتي، ولا أنتِ قدْ كنتِ يوماً بعذبِ الفراتْ.