بقايا الذاكرة العتيقة







كامرأةٍ تؤنسُ وحدتها الملعونةَ
بنهديها
لما بعدَ الأربعين مِنْ عمرها
المزعومِ والمشؤومِ في آنٍ واحدٍ
تكونُ هي .. في هذا المساء

تجلسُ وحيدةً
في محاولةٍ لإقناعِ الوسادة
بأنْ هذهِ الجميلةُ
ما زالتْ تذرفُ بروحِ الشبابْ

وحيدةٌ هي تؤنسُ نفسها
بما تبقى مِنْ جسدها
تداعبُ كل شيءٍ فيها
كانتْ لتعرفهُ
لتنسى النسيانَ ذاتهُ
وتداعبُ
وتبقى تداعبُ
حتى تجلسَ أمامَ نفسها
في محاولةٍ أخرى
لإقناعِ نفسها ومرآة الحائطْ

بأنَ ما يلامسُ شعرها
مِنْ هواءِ النافذةِ
المخدوشةِ بقدم المكانْ
وأنَ ما يُسيلُ لعابَ أنوثتِها
مِنْ ذراع الزمانْ
عندما يمرُ بأسفلِ خاصرتِها
مِنْ الخلفْ

ما هو إلا ذاكَ الشابُ الفتي
الوسيمُ .. الشقي
الذي أحبتهُ في مراهقتها
المتأخرة
عندما كانت في مقتبلِ العمرِ
المزعومِ والمشؤومِ أيضاً

وتبقى تداعبُ وتداعبُ
ما تبقى مِنْ بقايا بقايا الأنوثةِ
التي أظنُها عاريةً الآنْ
بعدَ حروبٍ طويلةٍ اثكلتها
وانهكتْ كلَ ما تملكتهُ
مِنْ الذاكرةِ إلى الحنينْ
حتى تاءُ أنوثتها ما عادتْ لها

وتظلُ هي جالسةً عاريةً
أمام أنوثتها
تبدي استحسانها بشفتيها
وببوحِ هذهِ الذاكرةِ العتيقة
فأكونُ أنا في هذا المساء
مثلها تماماً
أشكو الوحدةَ وحيداً
عارياً وذريعتي بخطيئتي
أمامَ شبهِ القصيدة
لا حبيبةٌ لي تؤنسُ وحدتي
بلا هواءٍ يثلجُ صدريَ
ولا حتى ظلٌ لبقايا صديقة .